سوف أكتب عنكِ

2024/10/28

هذا الموضوع في ذكرى وفاة الموسيقار الكبير ملحم بركات بقلم طانيوس اندراوس

 



لغة الموسيقى: لغة لا يفهمها إلا المبدعون


الموسيقى هي لغة العالم، تلامس القلوب قبل العقول، وتخاطب الأحاسيس في أعماق الإنسان، بلغة لا تحتوي كلمات لكنها غنية بكل المشاعر. إنها لغة الفرح والحزن، الأمل واليأس، والحب والفراق، والتي تجسد من خلالها كل تفاصيل الحياة بلمسات عذبة وإيقاعات متناغمة.


على مر العصور، كانت الموسيقى وسيلة للتعبير عن ثقافات الشعوب وحكاياتهم، فكل نغمة وكل مقام يرتبط بتجربة إنسانية، ينقلها الفنان بصوته وآلته إلى المتلقي، ليمتزج بها بروحه ومشاعره. ولكن، رغم عالمية هذه اللغة، لا يتمكن الجميع من الغوص في عمقها واكتشاف جمالياتها الخفية؛ فهي لغة لا يفهمها إلا المبدعون، أولئك الذين يمتلكون حساسية فريدة ونظرة ثاقبة تتجاوز سطحية النغم إلى المعاني العميقة التي تتوارى خلفها.


يتميز المبدعون بقدرتهم على استشعار ترددات الموسيقى وكأنها همسات روحانية تلامس مشاعرهم الخاصة وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة للتأمل والتعبير. قد يسمع الجميع اللحن ذاته، ولكن المبدع هو من يجد فيه قصصاً وتفاصيل تجعل من كل تجربة موسيقية رحلة خاصة. فهو يرى في كل نغمة قصة حياة، وفي كل إيقاع نبضات قلب، ويتناغم مع الموسيقى بكيانه ليحيا كل لحظة بكل تفاصيلها.


وهكذا، فإن الموسيقى هي لغة تفردية لأصحاب الذوق الفني الرفيع والخيال الخصب. هي ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي مصدر إلهام وإبداع لا ينتهي.


طانيوس اندراوس

2024/10/26

إلى عَيْنَيْكِ أَكْتُبُ... بقلم طانيوس اندراوس

 





أَيُّ كَلِمَاتٍ تِلْكَ الَّتِي قَدْ تُفِيكِ حَقَّكِ؟

أَيُّ حُرُوفٍ قَدْ تَحْمِلُ عِبْءَ الوَصْفِ لِعَيْنَيْكِ 

حِينَ تَلْمَعَانِ كَالنُّجُومِ؟

وَحِينَ يَتَسَلَّلُ الضَّوْءُ مِنْهُمَا، 

يَنْسَابُ كَنَسْمَةٍ دَافِئَةٍ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ.

أَكْتُبُ لِأَجْلِ كُلِّ لَحْظَةِ انْخِطَافٍ،

لِأَجْلِ كُلِّ رَعْشَةِ قَلْبٍ، لِكُلِّ شَهْقَةِ حُبٍّ.


عَيْنَاكِ...

سَمَاءَانِ تُزَيِّنَانِ لَيَالِي العَاشِقِينَ،

أَجِدُ بِهِمَا نَفْسِي، وَأَضِيعُ وَأَجِدُنِي مُجَدَّدًا.

كُلُّ نَظْرَةٍ مِنْكِ تُجَدِّدُ فِي رُوحِي شَرَارَةَ الحَيَاةِ،

وَكُلُّ هَمْسَةٍ مِنْ صَمْتِكِ تَحْمِلُنِي بَعِيدًا إِلَى حَيْثُ السَّلَامُ.


إِلَى عَيْنَيْكِ أَكْتُبُ...

عَنْ حَنِينِ العُمْرِ الَّذِي يَجْرِفُنِي،

عَنْ جُنُونِ العِشْقِ الَّذِي يَسْكُنُنِي.

فَفِيهِمَا أَرَى عَالَمِي، كَمَا لَمْ أَرَهُ مِنْ قَبْلُ،

بِأَلْوَانٍ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا، بِعُمْقٍ لَا حُدُودَ لَهُ.


أَكْتُبُ إِلَيْكِ، يَا مَرْفَأَ أَمَانٍ...

يَا وَطَنَ الحَنِينِ الدَّائِمِ،

أَكْتُبُ لِأَنَّكِ الحَقِيقَةُ وَسَطَ أَوْهَامِ العُمْرِ،

وَلِأَنَّكِ الأَمَلُ فِي ظُلْمَةِ الأَيَّامِ.


طانيوس اندراوس

2024/10/25

حرٌيتي بيدي بقلم طانيوس اندراوس




حريتي بيدي، ليست رهينةَ قيدٍ ولا عنوان،

ليست وعدًا مؤجلًا، ولا حلماً ناعماً كأحلام السجناء.

هي نبضُ شرياني، تنبثقُ مع كلِّ خطوة،

تنمو مع كلِّ كلمةٍ أنطقها،

تسكنُ صدري كأغنيةٍ متمردة،

وتهبُّ مع نسماتِ الصباح خفيفةً كأجنحةِ الطيور.


حريتي بيدي، أُمسكُها برفقٍ كزهرةٍ في يومِ ربيع،

أرويها بشجاعةٍ، وأحميها من أعاصير الخوفِ والشّك،

أشعلُ بها نوري، فأضيء بها لياليَ العتمة،

وأجعلُ منها صرخةً تلامسُ أفقَ أحلامي.


فليقولوا ما شاؤوا،

فليخطّوا لي قوانينَهم، فليضعوا سياجَهم،

لن أركع، لن أصمت،

فحريتي ليست ملكهم،

حريتي بيدي،

صوتٌ حيٌّ في صخبِ الصمت.


أسيرُ بها، كأنني أمسكُ ريحَ الحرية،

أصوغُها بيدي،

فهي الحكايةُ التي أكتبُها، والهواءُ الذي أتنفسه،

هي أنشودتي، ودموعُ فرحي،

حريتي بيدي، ولن تكونَ إلا لي.


طانيوس اندراوس






شهداؤنا: بذورُ الحرية المزروعة في أرض الوطن

 


كتب طانيوس اندراوس

الشهداء هم القلوب النابضة التي تتوزع على تراب الوطن كحبات القمح، يُروون بدمائهم كي يُنبت وطننا سنابل العزة والكرامة. كل شهيدٍ هو كنبضة حياة في جسد الأرض، وكل قطرة دمٍ تراق هي بذرة تضحية وعطاء. شهداؤنا لم يغادروا؛ بل أصبحوا جزءًا من كل شبرٍ من أرضنا، هم كحبات القمح التي تُزرع لتعود بثمارها ونتاجها، فتظل ذكرى البطولة خالدة في نفوسنا وأرضنا.


إن الأرض التي تُروى بدماء الشهداء تصبح أرضًا خصبة بالأمل، فهي لا تكتفي بأن تكون مساحة جغرافية بل تُصبح وطنًا للحرية والكرامة. وحين ننظر إلى حقول القمح المتمايلة في الرياح، نشعر أن كل سنبلةٍ تحمل اسم شهيد ضحى لأجل أن يبقى الوطن صامدًا وشامخًا. الشهداء هم الأمانة التي حملوها فوق أعناقهم لنبقى نحن اليوم نعيش بسلام، فهم لم يرحلوا عن حياتنا؛ بل هم باقون كأشجار النخيل التي تقف في وجه الرياح وتغرس جذورها عميقًا.


وفي كل مرة نشهد فيها حصادًا لسنابل الأرض، نشعر بأن الحصاد ليس فقط للغذاء بل هو حصادٌ للأمل، تذكارٌ لما قدمه الشهداء من نفوسهم، ودعوةٌ لاستكمال المسيرة والحفاظ على ما ضحّوا لأجله.


2024/10/20

بركة السماء على أرض الوطن كتب طانيوس اندراوس

 



في سكون السماء، وقف يسوع وسط هالة من نور، عيناه تحملان سكينةً عميقة وحبًا بلا حدود. يده اليمنى مرتفعة نحو السماء، ترسل بركاتها نحو الأرض، أما اليسرى فتمسّ برفق العلم اللبناني الذي يرفرف بجلال. بين خطوطه الحمراء والبيضاء، تتوسطه شجرة الأرز الخالدة، متألقة بضوء لا يبهت، رمزاً للعزة والكرامة.


كأن النور المنبعث من حوله يقول: "هنا حيث الجبال تحتضن السماء، وحيث الأرز يشهد على صمود وطنٍ أبد الدهر. لتكن بركتي مع هذا الشعب، ولتظل أرضهم مشعّة بالمحبة والسلام، رغم كل الرياح العاتية."


في تلك اللحظة، امتزجت القداسة بروح الوطن، وتلاقى الإيمان بالأمل، في مشهد يصوغ فيه السماء والأرض صلاة واحدة، ترتفع نحو الله وترسو في القلوب.


2024/10/19

لبنان الصمود في سطور

 


كتب طانيوس اندراوس


في كل مرة تعرض فيها لبنان لعدوان، كان يثبت للعالم أنه أرض الصمود والتحدي. من الغزوات والاحتلالات التاريخية إلى العدوان الحديث، كان الشعب اللبناني يقف صفاً واحداً، متحدياً الظلم والقهر. العدوان الذي تعرض له لبنان لم يكن مجرد اعتداء على الأرض، بل كان محاولة لكسر إرادة شعبه، إلا أن كل محاولة باءت بالفشل.


في حرب 2006، على سبيل المثال، تعرض لبنان لعدوان شرس، لكن مقاومته وشعبه أثبتوا أن الإيمان بالحرية والوطن لا يُهزم. رغم الدمار الكبير والخسائر البشرية، خرج لبنان أكثر قوة وعزيمة.


الصمود في وجه العدوان لم يكن بالسلاح فقط، بل أيضاً بالتلاحم بين مختلف مكوناته وبالإرادة الصلبة لإعادة بناء ما تم تدميره. وظل لبنان، رغم كل الجراح، رمزاً للشجاعة والكرامة في مواجهة العدوان.


2024/10/18

"وطني يؤلمني"

 




كتب طانيوس اندراوس


وطني يؤلمني بسبب الحرب التي لا تزال تحفر في ذاكرته جراحاً عميقة. الحرب التي دمرت بيوتنا، وهدمت آمالنا، وسلبت منّا الأمان والاستقرار. أرى آثارها في كل زاوية، في كل وجهٍ متعب، وفي عيون الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن. الحرب جعلت من وطني ساحةً لصراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، لكنها تحمّلت العبء الأكبر.


يؤلمني أن أرى كيف خلّفت الحرب خلفها فوضى ودماراً في بنيته التحتية، وحطمت أحلام الأجيال التي نشأت على أصوات القذائف والانفجارات بدلاً من أصوات الفرح والسلام. أصبح الوطن كياناً جريحاً، يئن تحت وطأة الخلافات، التي تأكل من جسده وكيانه.


تلك الحرب لم تكن فقط معركة عسكرية، بل كانت معركة ضد الإنسانية والروح. لقد سرقت منا الكثير، وأحدثت فجوة بين أبناء الوطن، فلا يكاد يمر يوم إلا وأشعر بثقل تلك الأحداث على كاهل وطني.


لكن برغم الألم، يبقى الأمل في قلوبنا، نطمح أن يأتي اليوم الذي نرى فيه وطني يتعافى من جراحه، ويعود كما كان، وطناً ينعم بالسلام، الاستقرار، والوحدة.

2024/10/14

الوطن في اغاني فيروز " قصة عشق لا تنتهي

 


كتب طانيوس اندراوس


لا يمكن لأي صوت أن يختزل الوطن بكل مشاعره وصراعاته كما تفعل فيروز. صوتها هو ذاكرة وطن ينبض بالحب والحنين. عندما تغني فيروز، تحوّل الأغنية إلى لوحة فنية تروي قصص الأوطان، بتفاصيلها الصغيرة وبهمومها الكبيرة. فهي رمزٌ للصمود والجمال، لكل من عاش الفرح والحزن في نفس اللحظة.


فيروز لم تغنِّ الوطن فقط، بل كانت صوت الشعب ورفيق الوجدان. عبرت بصوتها عن العشق للأرض، وعن ألم الفراق، وعن الأمل بالعودة إلى الديار. أغانيها مثل "بحبك يا لبنان" و"زهرة المدائن" هي شهادات حيّة على ارتباطها العميق بالوطن، بل تحوّلت إلى أغانٍ وطنية خالدة.

عندما تغني فيروز، تعيد إحياء ذكريات الأماكن والأزمنة، وتجمع الشتات في لحظة واحدة من الصمت والتأمل. هكذا، أصبح صوتها جزءًا لا يتجزأ من تاريخنا الجماعي وحكاية حبنا للوطن.


2024/10/09

"ضحايا الحروب الصامتون: الأطفال بين الألم والدمار"

 


كتب طانيوس اندراوس


الحروب تترك آثاراً كارثية على جميع أفراد المجتمع، إلا أن الأطفال هم الفئة الأكثر تأثراً بها، حيث يعانون من تداعيات نفسية وجسدية طويلة الأمد. الأطفال الذين ينشؤون في مناطق النزاع يتعرضون لخطر فقدان الأمان والاستقرار، مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق، الاكتئاب، والكوابيس. كما أن تجاربهم المؤلمة مثل رؤية العنف أو فقدان أحبائهم تؤثر سلباً على تطورهم العاطفي والاجتماعي.


إلى جانب الأثر النفسي، تعاني الأطفال من أضرار جسدية، إذ قد يفقدون أطرافهم أو يتعرضون لإصابات بسبب الأسلحة. كما أن الحروب تدمر البنية التحتية الحيوية مثل المدارس والمستشفيات، مما يحرمهم من التعليم والرعاية الصحية الضرورية لنموهم.


وفي غياب بيئة آمنة، قد يصبح الأطفال عرضة للاستغلال والتجنيد في النزاعات المسلحة. هذه التجارب تفقدهم طفولتهم وتؤثر على مستقبلهم، حيث يجدون صعوبة في العودة إلى حياة طبيعية بعد انتهاء الحرب.


تتطلب معالجة تأثير الحروب على الأطفال جهوداً شاملة من المجتمع الدولي، تشمل الدعم النفسي وإعادة التأهيل وتوفير فرص التعليم والرعاية الصحية، لضمان بناء مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال بعد انتهاء الصراعات.


2024/10/06

كفا!

 



بقلم/ طانيوس اندراوي


أما آن للدموع أن تجف،

وللأرواح أن تنعم بالسلام؟

أما آن لليالي الحمراء أن تزول،

وتشرق شمس الأمان على أرض غطاها الظلام؟


كفا!

لماذا يحملون سلاحًا لا يعرف الرحمة؟

لماذا يحاربون من أجل أرض تموت كل يوم؟

أما سئمتم من الحقد، من النار،

من الدمار الذي لا يفرق بين صغير وكبير؟


لبنان، يا زهرة الشرق،

من يطفئ نارك؟

من يعيد لك الحلم الذي سرقوه؟

من يعيد لأطفالك الضحكة التي خطفها الرصاص؟


كفا!

لن نبكي على الأطلال بعد الآن،

لن نرضى بالصمت الذي يغطي آلامنا،

سنرفع أصواتنا،

ونقول بصوت واحد:

كفا!


همسات ومشاعر

طانيوس اندراوس

ارضنا روحنا

 



بقلم/ طانيوس اندراوس


"حينما يهجر الإنسان أرضه، يترك خلفه جزءًا من روحه، باحثًا عن ملجأ يأويه من نيران الحروب والدمار. النازحون من الجنوب تركوا خلفهم بيوتهم، ذكرياتهم، أرضًا طالما أحبتهم وأحبّوها. لكنهم لم يتركوا وراءهم الأمل. ففي قلوبهم، يتّقد حلم العودة، حلم السلام الذي يعيد لهم كرامتهم وحقهم في الحياة. نزوحهم ليس فقط رحلة هروب من الموت، بل هو شهادة على صمود الإنسان في وجه أقسى الظروف. لن ننسى أبدًا حقهم في العودة، وعلينا جميعًا أن نعمل لأجل يومٍ تشرق فيه شمس السلام على أرضهم مجددًا."

يا أعداء الإنسانية

 



بقلم/ طانيوس اندراوس


يا من تقتاتون على جراح البشر،

تسلبون أحلام الطفولة في وضح النهار،

وتقتلعون زهرة الحياة من كل روح تبحث عن أمان.


يا أعداء الإنسانية،

أين ضمائركم حين تصرخ الأرض ألمًا؟

وحين ينزف القلب دمعًا من قسوة أفعالكم؟

كيف تحتملون مشهد الدمار

وصرخات العاجزين

أنتم من حطمتم جدران السلام،

وزرعتم في قلوب البشر الخوف واليأس،

لكن لن يطول ظلامكم،

فالنور سيشرق من جديد،

والإنسانية لن تهزمها وحشيتكم.


طانيوس اندراوس

صباح دامي ودامع


بقلم/ طانيوس اندراوس


استيقظت السماء على صرخة الريح الموجوعة، والأرض تتلوّن بلون الدموع الدامية. كل شبر منها يحكي قصة ألم، وذرات الهواء تخنقها رائحة الفقد.


الشمس، على غير عادتها، تتوارى خلف السحب الداكنة، كأنها ترفض أن تشهد على هذا المشهد الذي يفوق الوصف. العصافير لم تغرد هذا الصباح، وكأنها أدركت أن الحزن لا يعزف موسيقاه في هذا اليوم.


في زاوية من زوايا المدينة، تنهمر دموع صامتة من أعين قلوب فقدت بريق الأمل، وتهيم الأرواح في بحر من الأسى، تبحث عن طيف ذكريات كان يحمل في طياته أملًا. ولكن، كيف للأمل أن يولد في صباح باتت الأرض فيه تئن من الجراح؟


صباح دامي ودامع... حيث الألم يكتسح القلوب والدموع تغسل أرواحًا تبحث عن ملاذ.


همسات ومشاعر

طانيوس اندراوس

                                               ٢٨ - ٩ - ٢٠٢٤

قَرَّرتُ الصَّمْتَ وَلَكِنْ...

 



بقلم/ طانيوس اندراوس


قَرَّرتُ الصَّمْتَ وَلَكِنْ... 

شَبَحُ المَوْتِ ... وَأَعْمِدَةُ الدُّخَانِ  ... وَأَلْسِنَةُ النَّارِ 

وَقَافِلَةُ الشُّهَدَاءِ ...جَعَلَتْنِي أَنْتَفِضُ وَأَتَرَاجَعُ... 

لَا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ وَمَاذَا أَقُولُ... 

لَا بَأْسَ عَلَيْكَ يَا وَطَنِي... 

أَعْلَمُ أَنَّ جُرْحَكَ عَمِيقٌ وَوَجَعَكَ أَعْمَقُ... 

أَعْلَمُ أَنَّ دُمُوعَكَ تَسِيلُ دَمًا عَلَى شُهَدَائِكَ... 

أَعْلَمُ كَمْ أَنْتَ حَزِينٌ... 

أَعْلَمُ كُلَّ هَذَا وَلَكِنْ... 

اللَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْكَ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ... 

وَسَيَمُدُّ لَكَ يده لِيَنْتَشِلَكَ مِنْ كُلِّ هَذَا... 

سَوْفَ تَنْتَهِي مُعَانَاتُكَ...

وَتَعُودُ إِلَيْكَ حُرِّيَّتُكَ وَسِيَادَتُكَ وَاسْتِقْلَالُكَ... 

لن يظل الظلام قائمًا وسيأتي الفجر ساطعًا...

وَكُلُّ قَطْرَةِ دَمٍ مِنْ شُهَدَائِكَ تُنْبِتُ بِأَرْضِكَ زُهُورًا بِعِطْرِ الْكَرَامَةِ والوفاء.


همسات ومشاعر

طانيوس اندراوس

حداد على وطن خانه الجميع

 



بقلم/ طانيوس اندراوس


في كل مرة نرى فيها الوطن ينزف، نشعر بأن الجرح أعمق مما قد نتخيل. ذلك الوطن الذي كان يومًا حضنًا لنا، أصبح اليوم ساحة للنزاعات، يتخبط في أوجاعه دون أن يجد من يداويه. الخيانة ليست فقط في طعنة تأتي من عدو، بل هي أيضًا في الصمت والتجاهل، في الغياب عن حماية ما تبقى من كرامته. الوطن اليوم في حداد، ليس فقط على ما فقده من أرواح، بل أيضًا على القيم التي تآكلت شيئًا فشيئًا.


خانته القيادات، خانته الأنظمة التي رفعت شعارات زائفة دون أن تفي بوعودها. خانته أيادي كانت من المفترض أن تمتد لتمسح دموعه، لكنها اكتفت باستغلاله لمصالحها. في مشهد مأساوي، أصبح المواطن يشعر بأنه غريب في وطنه، يكافح من أجل البقاء في أرض لم تعد تعترف به.


الأوطان لا تموت، لكنّها قد تُقتل بالخيانة والتجاهل. حين تتحول الأرض التي عشنا عليها إلى ميدان معارك بين الفساد والجهل، وحين تغيب العدالة وتختفي الأمل، حينها يكون الوطن في حداد.


قد نبكي على هذا الوطن، لكن دموعنا لن تكون كافية لإنقاذه. لن تعود الحياة إلى وطنٍ خانه الجميع إلا إذا قررنا أن نكون أوفياء له بحق، بأن نقف معًا، نداوي جراحه، ونعيد له الكرامة التي سُلبت.


همسات ومشاعر

طانيوس اندراوس

. "ما بين الدمار والدموع: أطفال بلا ذنب

 



بقلم/ طانيوس اندراوس


في وطن يعجُّ بالصراعات والآلام، تتناثر الأسئلة حول براءة الأطفال التي تُستباح دون ذنب اقترفوه. ماذا اقترف هؤلاء الصغار ليعيشوا تحت وطأة الخوف والحروب، يتشردون من ديارهم، ويفقدون الأمان والحنان؟ أي ذنبٍ ارتكبه طفلٌ ليصبح شاهداً على موت الأحلام قبل أن تزهر في قلبه؟


أطفالنا هم أزهار المستقبل، أرواح نقية لم تعرف غير البراءة واللعب، فما الذي يجعلهم يدفعون ثمن أخطاء الكبار؟ حين نراهم بين أنقاض المنازل، أو على الطرقات بحثًا عن لقمة العيش، نسأل أنفسنا: أليس من حقهم أن يعيشوا طفولتهم بسلام؟

ما ذنب طفل كُتِب عليه أن يكبر دون حضن أبٍ أو دفء أمٍ، أو أن يعيش محرومًا من كليهما؟


إن ما يعانيه أطفالنا اليوم هو مسؤوليتنا جميعًا، فلنكن لهم سندًا وحمايةً، لأنهم هم الأمل الذي سيضيء مستقبلنا. لنقف أمام الظلم الذي يلاحقهم، ولنقل بصوتٍ عالٍ: ما ذنب أطفالنا؟


همسات زمشاعر

طانيوس اندراوس

"حين تعجز الأقلام عن البوح: صرخة في وجه المأساة"

 


بقلم/ طانيوس اندراوس


عجزت كل أقلام العالم أن تكتب وجعنا،

تكسٌرت على صفحات الغربة والعذاب،

تاهت في ضجيج المدن البعيدة،

وفي كل سطر كانت تنهار الكلمات 

كأوراق خريفٍ بلا جذور.

قصتنا ليست مجرد مأساة تُروى،

إنها جرحٌ يتوارثه الزمن،

تسكنه أنفاس الحنين والألم.

أحلامنا ضاعت بين الحروب والصمت،

وصدى صراخنا اختفى بين أزقةٍ ضيقة،

لا أحد يعرف لغة النزف الذي نحياه،

ولا قلم يقدر أن يحاكي الحطام في أرواحنا.


نحن الحكاية التي أضناها البوح،

ونحن الصوت الذي لم تبلغه السطور.